اعلان
ولكنها لا تبوح...!!... بقلم / عفاف العرابى .... مجلة تغريدات النوارس
من كتاباتي في القصة القصيرة التي خنت عهدها وهجرتها .
قصة قصيرة بعنوان
*ولكنها لا تبوح...!!*
لم يبح فنجان القهوة الأخير بسره، لذلك لم تستدل عيونه على المشهد الأخير بينهما، حين فرّقتهما المائدة المستديرة،أنفاسهما أصيبت بنوبة هلع، نتيجة لقطع كل تلك المسافة، عرض سطح المائدة، بريق عيونهما تشابكَ لبرهة؛ فأفضى بكل ما تحمله النفوس في دواخلها، ارتشف أخر ما تبقى من قهوته، وهبّ واقفا استأذن بالانصراف، تقاسما بسمة ساخنة ولوح بعضهما لبعض ولو عن قرب.
الوخزات تتوالى على عتبة روحه المنهكة، كل من حوله يسأل عن سبب وهنِ ضحكته.. كانت إجاباته تبعث شيئا من الأمل، وحين يجلس وحيدا يحدث قهوته من أين له بكل هذه الكلمات التي يطرب البعض لها أو قد يمقتها البعض الآخر ، حواره الأخير جعل القهوة تعلن عن غضب داخلي وهي تقاوم حدود الفنجان بجدرانه السميكة، حاولت الانفجار لكن لم يتشقق هذا الحصار الحجري، ترفض الاستكانة أو التسليم بالأمر الواقع ، شفتاه تعارك رشفات القهوة التي تقاوم المذاق، تتجمد فوقها، يعاند من جديد، ينتصر فنجان القهوة متسلحا بالصمت.
النادل يزيح قطرات القهوة المتناثرة فوق المنضدة، تهرب من بين أنامله في اتجاه أخر مقعد جلس عليه، الغضب يحل بالنادل يدور حول المنضدة ، ينظر لسيقانها،جميعها مستوية لاشيء تغير، يسكب قطرات من الماء فوق سطح المنضدة علها تمتزج بنكهة القهوة فتطيح بها بعيدا أو تحتويه داخلها.
قطرات القهوة كما هي تزداد عنادا وبريقا، سطح المائدة يصبح أكثر ضيقا، وقد تزاحمت فوقها قطرات الماء والقهوة وبقايا مع الأنفاس الوهنة التي سقطت منهما في آخر لقاء، ينظر النادل في عمق الفنجان ، تأبي القهوة أن تبوح بسرهما فيصمت الجميع للأبد.
.
عفاف
تعليقات: 0
إرسال تعليق