-->

مجلة تغريدات النوارس ...... صحيفة الكترونية ..... ادبية ... فنية ..... ثقافية

رزازٌ يُبلِّل المطر! .... بقلم /مبارك إسماعيل حمد .... مجلة تغريدات النوارس

رزازٌ يُبلِّل المطر! .... بقلم /مبارك إسماعيل حمد .... مجلة تغريدات النوارس

     







    رزازٌ يُبلِّل المطر! .... بقلم /مبارك إسماعيل حمد .... مجلة تغريدات النوارس


    رزازٌ يُبلِّل المطر!
    مبارك إسماعيل حمد
    كان المطر خفيفًا، يدافع عن قطراته من جحافل الرذاذ المتسلّل. مساءٌ باهت، لا نكهة فيه سوى صمت النساء.
    وقفتُ في وسط الساحة المهجورة، والكوب في يدي اليسرى لم يفارقني، كأنني غائب عن وعيي... وعن العالم كلّه.
    لا أظن أحدًا يعلم كم من الوقت مضى وأنا هنا، فاغرًا فم الكوب كأنني أستقطر من السماء وعدًا نسي أن يسقط.
    عيناي لا تبارحان وجه المطر، وأذناي لا تفارقان همسه، ذاك الذي لا يسمعه سواي.
    آه... إنه عبيرُ وعدٍ يسبق حضورها، موسيقى خفيفة كعزف مندولين، تقترب بصوتها العذب وتسأل:
    — أتبحث عن ظلّ؟
    حدّقتُ في وجهها الجميل، ولم أُجب.
    فقالت بهدوء:
    — الظلال لا تُمسك، لكنها تراك... تتبعك إن كنتَ صادقًا.
    نظرتُ حولي، عبثًا تنكسر ألوان الضوء على وجه الغدير بيننا.
    صرختُ بمرارة:
    — هل التمنّي يمنح حديثها طمأنينة؟! كلما أردتُ ظلًّا، عاد طنينُ وعدٍ لا يُسكب في كوبٍ فارغ!
    ضحكت، واقتربت. رائحة أنفاسها تدنو، كأنها تهمس في أذني بسرّ:
    — الوعد ليس شكلًا يا هذا... بل يُزرَع. وبين يديك كوب، ليس من تراب!
    سكتُّ، ثوانٍ فقط، قبل أن تطفو دموعٌ قديمة في عينيّ، وهمستُ:
    — أحقًا كلما زادت أخطاؤنا، شربنا من كأسٍ نظنّه قربًا من الكمال؟ أم أننا نغرق، ونحسبها سباحة؟
    ناولتني ورقةً مطويّة، خبّأتها بين خطوط كفّها، وقالت:
    — خذها. لا تقرأها، فقط احملها... ودعها هي تقرأك.
    أخذتُ الورقة... لتقرأني. وانهمر الرذاذ، يسابق قطرات المطر. قبّلتُ ثغرها، فذقتُ طعم الفراولة ممزوجًا بهمسة:
    — هل سيظل السؤال مفتاح الغياهب؟
    فاجأتني بابتسامة دافئة، وقالت:
    — نعم، طالما لا تزعم أنك تملك الإجابة.
    بقيتُ أنا وظلّي وجهًا لوجه.
    لم أعد أنتظر المطر، بل أفهم صمته.
    الورقة ما زالت مطويّة، لكنني بدأتُ أتعلم كيف أُقرأ من خلالها.
    والوعد... صار سطرًا لم يُكتَب بعد،
    لكنني مستعدٌ أن أكتبه، بالحقيقة.
    مبارك إسماعيل حمد


    مجلة تغريدات النوارس
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع مجلة تغريدات النوارس .

    إرسال تعليق

    تابعنا

    تغريدات النوارس
    اعلان
    اعلان
    اعلان
    اعلان
    اعلان